تفرد

تفرد
every memory i can keeb, just for U

السبت، ١١ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

اجواء رام الله

0 اضافة تعليق

ما بين العشقين – الوطن والوطن – تنبت بذور الاغتراب حناظل صفراء، تتسلق لتصل قمم الزيتون، قاتلة كل جميل، تندس بسلاسة المتسللين تحت اعشاش العصافير، تظهر لهم عناق الحبيب، تدفعها متباطأة نحو النهايات، وهكذا هم من باعوك يا وطني، تسلقوا ظهور البنادق ليفرغوا مخازنها في قلوب من باعك يا وطني، او ليقذفوها عاليا نحو السماء علهم يسقطوا (طائرة استطلاع للعدو) او قد يسقطوا (قمرا للتجسس)، وكل ما كان يتساقط اسراب من الطيور المهاجرة وحفنات من اوراق طبع عليها جمل من التشهير بقائد لم يكن يوما وطنيا، ليقوم هؤلاء القناصون بتنصيبه كبيرا للوطن، واي وطن "إمارة من غير عمارة، كيف لو صار عنا عمارة"*، أو يضعوا في طيات بياناتهم تلك، تبرئة لخائن وتشهير بمختطفيه، واذا بمختطفيه يخطون باقدامهم الطاهرة فوق رؤوسنا المطأطأة ليرتفعوا بيارق نصر، ويخلدوا في سجل الشهداء. اما اولئك الذين سرقوا منا ما تبقى من الامان، تقاسموه مع اسيادهم, يركبون سياراتهم، يتدافعون بها بين المارة، لا يرون المارة، يتصدى لهم رجل الامن والامان، ذلك الشرطي المقدام الذي خاض دورة تدريبية مكثفة ومعقدة، امتدت لاكثر من عشرين يوما (اكثر بيوم)، ركضوا خلالها اكثر من خمسة كيلومترات في طرق وعرة وصعبة (سهول اريحا)، وتدربوا على كافة انواع الاسلحة المسموحة منها والمحرمة دوليا (اكثر من سبع طلقات لكل مقاتل)، ولبسوا الكحلي وانتشروا في الشوارع يرعون المواطن ويحافظون على حياته التي تساوي الكثير، وعندما تسطع انوار تلك السيارة الطائرة وسط شارع ركب - والذي سمي مؤخرا بشارع بنت جبيل، تعبيرا عن الصمود الاسطوري الذي شهده هذا الشارع – بسرعة ليست اقل من سرعة التراجع العربي، اراد ذلك الشرطي الهمام ان ينقذ الموقف والمواطنين من عبث العابثين بامنهم وامانهم، اشهر سلاحه بسرعة وخبرة مقاتل فيتنامي، اطلق الرصاص على ذلك الشاب، وكانت الاصابة، لم تخطيء الطلقة الشاب، فقط، بل استقرت في راس طفل في العاشرة يحمل علبة من "العلكة" يبيعها للمارة، يقتل جوعه او يقتل الوقت، ولكن القانون دائما بالمرصاد، يقف مع المظلوم ولو على قطع رقبته، ما ذنب ذلك الشرطي المسكين انه لم يتلق التدريبات المناسبة، وتهب قوة من امن الرئاسة لانقاذ الشرطي المسكين من براثن الموت ومن بين انياب اهل ذلك الطفل (اهل الطفل هم المذنبون، كيف سمحوا له ان يخرج للشارع في وضح النهار، ليكون علة في المدينة السليمة، وبثورا تشوه وجه السياحة الجميل)، اما ذاك الشاب الذي تسبب في كل "الخبصة" فانه ضد الكسر (فالمناضلين امثاله الذين وهبوا شبابهم وزهرة اعمارهم رخيصة فداءا للفوضى) يحميهم قانونهم – تلك البنادق التي شوهوها وارباب عملهم الذين يغتاشون على ما تجلبه لهم تلك الضباع -. وبعد ذلك يتدخل كبير البلد لارضاء كافة الاطراف المتنازعة وانهاء الخلاف بالطريق التي ترضي الضمير الوطني "الجديد"، فياخذ الشرطي المهمل عقوبته شهرا اجازة "مع راتب لا ياتي" حتى تهداالنفوس، وياخذ الشاب رخصة لقيادة سيارته المسروقة وقيادة بندقيته المشبوهة (وذلك في المصلحة العامة اذ لايضطر شرطي اخر لايقافه فتعود الكرة للحصول)، وياخذ اهل الطفل جثة ابنهم ليواروها تراب الوطن الغالي "وطن تحكمه الافخاذ الوطنية هذا وطن ام مبغى"**، وتعود اجواء رام الله الصيفية الى ما كانت عليه، حتى ياتي شرطي ومطارد (سواح) وطفل يسرقون جمالها من جديد. الطفل: اسم مفعول بالطلقة، حذفت طفولته لانه ممنوع من التصرف. * عبد الله حداد (ميزانية) ** مظفر النواب (وتريات) فكرة هذا البوست جائتني عندما قالت صديقتي المغتربة والتي لا اعرفها "خايفة حتى الجو يسرئوا منا" فلك منالووووو جزيل الشكر, وللوطن جزيل الالم.

الأربعاء، ٨ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

تطرف

0 اضافة تعليق

مات صديقي اللدود انا بينما كان يغرقني في نصائحه الغريبة، انا ذاتي صديقي شخصيا لم افهم شيئا مما قلت او قال، قال لي: احذر التطرف في اي شيء، لا تتطرف يمينا فيقتلك اليمين، ولا تتطرف يسارا فيقتلك اليمين، ولا تتطرف في الوسط فيقتلك التلون، ولا تتطرف في الحب فيقتلك الشوق، ولا تتطرف في الشوق فيقتلك البعد، ولا تتطرف في البعد فتقتلك الغربة، ولا تتمادى في الغربة فتقتلك المسافة، ولا تبالغ في المسافة فيقتلك الرجوع، ولا تستعجل الرجوع فيقتلك الروتين، ولا تتطرف في الروتين فيقتلك الملل، ولا تتطرف في التدخين فيقتلك الفقر، ولا تتطرف في الفقر فتقلك الحاجة، ولا تتطرف في التفكير فيقتلك الجنون، ولا تتطرف في الامل فيقتلك الامل، ولا تتطرف في التفاؤل فيقتلك الفشل، ولا تتطرف في التشاؤم فيقتلك النجاح، ولا تتطرف في الحزن فيقتلك الفرح، ولا تتطرف في الفرح فيقتلك الفرح، ولا تتطرف في التعري فتموت خجلا، ولا تتطرف في اللبس فتقتلك الاناقة، ولا تتطرف في اللؤم فيقتلك الكرم، ولا تتطرف في البخل فيقتلك الغنى، ولا تتطرف في الصدق فيقتلك لسانك، ولا تتطرف في الشجاعة فيقتلك جبان، ولا تتطرف في الخوف فتقتلك صرخة، ولا تتطرف في الشرب فيقتلك الوعي، ولا تتطرف في الوعي فيقتلك الجهل، ولا تتطرف في الجهل فيقتلك العلم، ولا تتطرف في العلم فتقتلك الوحدة، ولا تتطرف في الوحدة فيقتلك الزحام، ولا تتطرف في الزحام فيقتلك الضياع، ولا تتطرف ... ولا تتطرف ... وبقي صديقي يتطرف في كرهه للتطرف حتى مات .... وبقيت انا هو صديقي كما كنت راديكاليا لا اقبل انصاف الحلول.

الثلاثاء، ٧ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

دائم التفكير

0 اضافة تعليق

تستقطعين من زمني كل الوقت، لأفكر بك ولا شيء سواك، لم اكن أظن يوما أنه ستاتي من تأخذ من وقتي كل وقتي، وتترك فيه كل الفراغ، فأدور طائفا حول القمر، أحاول أن أدرك ما أحتوى من جمال الروح، وعبق البنفسج، وهنيهات لسلب اللب، وتفريغ الفرح في أكياس الحزن الممزقة، لتهرب منها في لحظات غرور أو كذب إبتسامات ميتة، لم أتصور أيضا أنني وبكل ما في الطفل من قوة، أرغب بالبكاء – ولكنه لايأتي، خاصمني هذا الذي اسمه البكاء منذ دهر وما عاد يعطيني تلك اللذة والراحة، حتى البكاء ما عاد يجيء- كلما نظرت الى وجه الملاك، الذي رسم في لحظة من لحظات قليلة يتجلى بها الخالق، فأبدع الروح، رغم بنفسجة حزن صغيرة وأضطراب. طبع الزمن الكثير من العذابات في قلبي، كانت كلها حبرا أو حناء، فزالت في مع أول زخة مطر مظلمة إجتاحت الفؤاد، ويوم أن إستطاع أن يضع سعادتي وشما، جئت وبكل بساطة تسكبين بامتيازك الرائع سيولا من الحمض أذابت كل الوشوم، وحفرتك نقشا كنعانيا، فلا تزولين الا بزوال القلب، وهو بزوالك تزول منه الروح، لقد سكنتني واحتميتي في السويداء، فلا تطولك سياط الكره ولا نسمات الحقد، تأتين بكل برود، تشعلين الأحشاء نارا، تحرقين أشجارا يابسة في الروح، كانت تنتظر ماءا لتبعث فيها الروح من جديد وتبعث بها الروح من جديد، فتزهر الشقائق من جديد، لقد بلغت بي قمة الفرح لتنثريني بعدها غبارا في جليد مروج اليأس الصفراء، كلا، لم أصل لتلك المروج، بقيت ذرات غبار معلقة بين الأمل واليأس – حتى حروف أسمك قسمت مناصفة بين الامل واليأس- أتطاير هبوطا ونزولا عند رغباتك، فلا أصل ذروة الأمل فأرتاح، ولا أصل قعر اليأس فأرتاح، اليأس المطلق راحة مطلقة، موت مطلق وتحفيز للخروج من الذهول، وأمتصاص صدمة الأمل الكاذبة.

أسألكم سادتي صبرا جميلا

ففي أولى لفظتين نصف عمري

يليها ليل كخصر أنثى

يعتلي ليلي وباقي أمري

أطياف حلم مر داعيا

يداعب فكري ويزيد كفري

عله بلاء دفعه ربي

الهادي لعباده من دون ذكري

حلم مر وما زادني

سوى إقترابا لحواف قبري

الاثنين، ٢٨ ربيع الأول ١٤٢٨ هـ

ملاذ اخير

0 اضافة تعليق

بينما كنت اقرا، لا اعرف للمرة الرابعة او الخامسة كتابا بعنوان (ربحي وكفى) والذي يتناول فيه الكاتب بطريقة لا تخلو من الابداع – انا لست ناقدا ولكنه احساسي كقاريء – لحظات في حياة المناضل الرائع والمعلم الكبير ابو الرامز ربحي حداد ، وكما كل مرة اتنقل فيها بين دفتي هذا الوطن، يرتعش الجسد، وتتسرب من المقل المتعبة امطارا سوداء، فان رجلا مثل ربحي حداد (وان كنت باعطائي هذا الوصف (رجلا) له لا اعلم هل انا اخطئ فاقلل من عظمته ام انني اخطئ فارفع من قيمة الرجال) يعجز الاقزام امثالي عن حبس دموعهم على فقدانه، ونظرة سطحية وسريعة (سطحية لفراغ المحتوى، وسريعة لتجاري قوة السقوط) الى فلول الرجال من حولي (وهنا اشعر بالخطأ مرة اخرى، فان زمان الرجال مضى) لا تذكرني الا بالمثل الشعبي (عدي رجالك عدي)، وحينها تنحبس الامطار، وتقفر الروح، وينسدل ستار من العدم على الافق الذي يعاني اصلا من ضباب وسراب، ولا يبقى في الروح الا القليل من العزم لاستذكر به سادتنا الشهداء، كم اخجل امام هذا الكم الهائل من السمو والجلالة، وكم اتصور نفسي عدما غلى شكل رجل (اظنني اكرر نفس الخطا)، تتهاوى امامي صروح الامل، الا صرحا يابى على حزني، يحاول ياسي جاهدا ان ينفذ معاوله بهذا الحصن، ولكن متراسا صنع من عزم الشهداء اصلب من ان تنخره سيوف البائسين، نعم، ذكرى ابو الرامز وامثاله وهم كثر ان يذكروا(اعترف الان بانني اتسائل بيني وبين ارواحهم لماذا؟ ما الذي استحق ان تسكب لاجله تلك الدماء، تراب الوطن الذي واراكم وحرمنا من اللقيا، ام كروش من ابتلعوا تلك الاجساد الطاهرة، ام اله القى سلاحة ولاذ بالفرار) الا ان شخصا (لا ادري ان اخطات عاشرا) مثل ربحي حداد وصل الى ذاك المستوى من الرقي الاخلاقي والثقافي وامتلك ذاك الكم من العزم والعقل والاصرار والحب والانتماء، فكانت التضحية لديه اسهل ما يمكن، يضحي بنفسه لكي تقدر عصفورتيه ان تحلقا (ابنتاه)، لقد علم ان حياة الثائر لا تنتهي الا باالقاء السلاح، فقال لزوجته يوم التعارف "اعلمي باني رجل (هنا لم اخطئ فهكذا وصف نفسه) يمشي على قدمين، واحدة في السجن والاخرى في القبر" فكانت الاثنتين، فبعد سجن دام عشرين عاما، لم يكتف، والقى بنفسه بين انياب الموت لينقذ املا من النفاذ، قد لا يكفي الكلام ولا مداد ربي لان يستوفي شهيدا منكم حقه في الوصف، لقد كانت الروح هي المحرك، والعقل هو المخلص، والقلب هو الدليل، والامل هو الدافع، والحب هو الشرارة، وفلسطين كل ذلك، وكما كان المعلم ابا الرامز كان التلاميذ، لن اذكرهم جميعا، ولكن لان البرهان يلزمه قوة المثل، ساترك هنا صورة للنبي الشهيد عامر عبد الله، وهو في لحظة صفاء مع الروح و عناق مع الاجمل فلسطين، يسجد خاشعا للمخلص، ليذهب كلاهما بعدها الى العناق الاطول والاجمل، وتحتضنهما فلسطين، وقد تكون ذكرى ابا الرامز والاخرين، وصورة عامر في النفس، هما الملاذ الاخير من الموت ياسا، فارضنا ليست بعاقر.

الأحد، ٢٠ ربيع الأول ١٤٢٨ هـ

يوم الرجوع

2 اضافة تعليق

وانتظري ان ياتيك الاحياء جميعا في بزات الموت واوراق السيلوفان*

وها هم يتوافدون تباعا الى قلبي المقبرة، هناك حيث تدفن كل الاشياء الجميلة، حيث يختفي اللحن وتورق المأساة زنابق سوداء عابقة برائحة الموت وثآليل الحزن الطافحة، وحيث يولد اللحد من لجام الحقيقة الفاضحة، كيف اخفيك وانت تظهرين كشمس آب في صحراء البعد، وبلا استثناء تسحقين الزهور لحظة لحظة، وبرقة نسيم يحمل في اطياءه كل الامراض المزمنة، إلا النسيان، فلكم حاولت ان اصاب به، ولكن اذا ما اجتمعت مسببات اللاحياة لن تكتمل الصفقة، انا جيفة بانتظار ديدان لن تات، ونسور وقوارض وضباع لن تات، وصديقي الكفن غاب في البحر أو فُصِّل رايات استسلام، ويرفض اللاوعي فيّ ان يستسلم، إستسلم ايها الحالم فتلك الزهرة أبعد وأبعد، تلك زهرة تستحم على قمر، تحلم بوطن من حرير، تنقش في أفياءه، وانت لست الوطن، انت لست الا جزر ارتفع المد ليجرف منها شقائق النعمان، وأضحيت صحراء لا تصلح الا للموت والملح، "وغابات من الاشجار ادركها اليباس"* لو أنك تحتمل الشجاعة، لو انك لست مصابا بامراض الامل والذكرى، لو ان لك قالبا من الجليد في هذه الاضلاع لاثلج صدرك، لو، وكم لوا ستقول، لعنت لو، لعنت الصدفة، لعن العطش في ظل الصحارى، لعن السراب بامله، وكمٌ من اللعنات أكيله للمطر، تاخر عن صحرائي، او نسيها، هل ينسى المطر، هل اصبح المطر طاغية لينسى ان هناك من هم بانتظار عطفه وعفوه، من هم بانتظار ان تطرح ارضهم غير لو، ان تشرق شمسهم على خفقات قلب نرجسة، ما ابعد النرجس، ينتظر ليلي قمرا ينيره، فاذا بالقمر يطل لحظات ليعلن انه موجود، ولكن ليس لهذه الارض نوره، فارضك قد تصالب فيها الموت مع كثبان رمل وكثير من التقاسيم الحزينة. *سميح شقير

الأحد، ١٣ ربيع الأول ١٤٢٨ هـ

كانت ... قصتي

2 اضافة تعليق

كان هذا الهذيان مشروعا لقصة اكتبها، ولكن الهلوسات جرتني لان افقد الكلمات، وكان الذي يكتب حزني. وهكذا وبلا مقدمات يتسلل العشق إلى مقدمة الروح الذابلة وينطوي التكدس على التراكمات فتنتعش المؤلمة، وتستقر في قعرالمفاجئات القاتلة، وكشيء أتى من بعيد ولم يصل، ولكن وجهته كانت نحو البقايا الميتة، جاء ليشبعها خنقا: وهل يهم الميت من الروح إيلام، وتستوفي الحياة شروط اللاحياة، ويهتك المنع بكل جراداته بقية الأغصان اليابسة، وتصحر الروح وتتجلد الرمال وتنطق الأفاعي بفرح الواصلين الى نهاية الوصول: ثمة مكان هنا لجميع البائسين، وتنشق الارض عن مسخ عظيم، تتسائل تلك الهياكل البائسة: ماذا تراه يكون؟ هل وصلت قدرة القادر ان يخلق هكذا شوها مصور، ويقطر المسخ دموعه الحمراء: ما هكذا خلقت، وقد كنت قبل العشق قلبا، وهل يظل للقلب بعد العشق خفقان. ويبدأ الباكي باستعراض قصة حياته القصيرة، فبدءا كانت النبوءة، لقد قالت العارفة لكل ما عرف بعد ذاك: ان هذا الطفل ولد في غير اوانه وسوف يشيخ قبل الشباب ويموت بعد كل المخلوقات البائسة، لقد ولد ليشهد موت كل من احب، فتزيد احزانه من عمق حفر دموعه الدامية على وجنته المشوهة، فيبتعد به الحرق الى اقصى درجات انهماك الالم في مايريد من عمله ان يكون مثالا للاخلاص، وبعد ان ينتهي من دفن آخر ما تبقى من عذاباته سيولد من الافق على سطح المياه العكرة المرتجة صورة تطابق تشوهه، لتنقذ آخر ما بقي من افراحه النائية. استقبل الوجود كلامه المتقطع لفرط البكاء بفرح غريب متفاقم، هؤلاء الاغبياء لا يدركون انهم اولى ضحايا ابتلاء القدر لهذا الايوب، فسألهم الكسير: ايهاالاحياء الاموات، هل في اسوداد افقكم ما يثير فيكم لهو الملذات؟ فأجابته احدى المسوخ اللاهية: ان قلبا ابتلته القوى بما ذكرت لاحسن ما تكون السكنى في كنفه، فان القوى قد اعطت مقدارا معينا من الحزن لكل بعد، واقسم بكل جنبات الخوف ان كل ما اعطي لبعدنا من الم انما اخذته وحدك بلا منازع،فكيف لا نفرح ونحن نعلم اننا سلبنا نصيبنا من الكرب على يديك. توقف الخافق عن البكاء، فقد عرف عنه انه لا يبكي عندما يحزن، وقد كان بعد كلام الفاترة اشد حزنا مما عرف عنه، لقد اصابت كلمات احدى نزواته الخالدة سويدائه فارتعد، اما نزواته الشاردة الخالدة فلم يتحدث الا عن اثنتين منها، ذكر المجروح فيما ذكر انه وبينما كان طفلا في المراهقة التقى بمحض التمزق بغربته الاولى، فانشق عن ورود طغت على نسماتها الاشواك واحتدت، ونهل من خلف التستر ما استطاع ان يسرق من استحيائها الفاحش، وتفتحت في طفولته الرجولة ونضحت ما بقي من الجهل الى ما وراء المعرفة، وبعد أن خفق آلاف المرات بدافع من وقودها الحارق، وهكذا ايضا وبمحض الانسدال قالت السماء كلمتها الاخيرة "مثل اختك، كلمة قالتها ومشت دون انتظار، مثل اختك وانا غير الصمت ماعندي قرار" وبكل مااوتي الانسان من جبن وافقها هذا الحاني الممزق، واكمل يروي قصته " وذهبت، وبقيت وحدي اراجع ذاتي واستحضر ما ضاع من الضياع محاولا استنهاض الوعي من اللاوعي واستدراك الوقت الهارب، فيما اخطات، امصالحة الروح اثم يعاقب عليه الجسد، ام ان اندماج القلب والروح محض تهديد لمآرب العقل الطامح الى سحق الرؤيا وحقن الذهول، نعم لقد ابتدأت حربي مع هذا العدو، وبدأت اسيطر على ساكني هذه الخاربة، فاستنزفت دمائي وطاقات الوطن الضائعة، وسيطرت ولو جزئيا على كثبان الرمل المالحة، وهمشت هذا الذي اسمه العقل وارقته لطول المجافاة، فالعقل يمرض حين يبتعد عن الواقع وتلهو بمصائره احلام السابحين الى فضائات العدم الجميل القاتل، وتوقف الزمن، سبع سنوات عجاف، سبع سنوات وانا والعقل نتلاطم كامواج القهر الثائرة، اغلبه تارة فاعجب بماجنة عابرة واضيفها الى آهات مسوخي المترامية على اطراف الدنيا البائسة، وانظرالى تلك كمنقذة استوحي من عينيها سراب الامل وانثره كلمات في عصف الرياح الباردة، وعندما افتح ابواب سراديب ماهيتها اجدها لا تصلح لان تلغي الذكرى الأبقى والأجمل والأكثر قتلا، فالقي بها الى صحرائي الموحشة ذكرى اخرى تعيش بين المسوخ العابرة، نعم، لم اجد يا سعادتي من استطاعت ان تنازعك عرشي فبقيت الخالدة الهاربة، اذكر يا سيدتي الاولى والاجمل عندما سألتك أحبك ما الجواب؟ قلت لي أتعدني ان تبقى هذه الكلمات الى ما لا نهاية؟ اجبتك وهل لمثلي ان ينكر الخلود لمثل عشق عينيك، وروحك، آه كم روحك المرحة جميلة، آه كم انقذت بدعابتك المرة مرارتي من الزوال الى انكار الالم ولذته ممزوجا بشقيقه الامل، انه كانكار الذات، فمثلي يا سيدة كوخي يناطح الالم لانه يؤمن بان هنالك يوم ينتهي فيه كل العذاب، الالم يعيش معنا ونستلذ به لانه يعطينا الامل، والامل خطوة نحو استكمال ملامح الحرية، والحرية لمثلنا لا تاتي الا بالموت، فالموت يا قاتلتي هو لمثلنا نهاية الالم، فدعيني اموت في عينيك لانهي المي المزمن. لقد سرك ما سمعت، ولففتني على قدمك خلخالا تتباهين به امام صديقاتك الفارهات الفارغات، وذبنا بحرارة الاحتراق، وسقيتني نبيذا ما زالت قشعريرة طعمه تلف شفتاي، فشفتاك يا مسكرتي كانت بداية القتل، ولكنه توقف، خرجت من قشرة الكبت الى فضاء المعرفة، واستحوذت على عواطفك الافكار الفارهة، واصبحت ترين الرجال بمنظار من الذهب، فيختفي مثلي امام هذا القدر الساحق من الاحلام العابرة بسرعة لا استطيع معها سيرا، وخلعت هذا الخلخال بعد ان رايت ماسة تلف عنقك الساحر، اذكرت لك مالكتي يوما ان لك عنقا يجعلني اصغر امام عظمته الصاعقة. كان لا بد من ان تكوني بهذا الجبن لتبعثي لي برسول يبلغني ان لا امل، ولاامل اي لا الم، اي لا حرية، اي لا موت، عندها جئتك محاولا انقاذ نفسي من ابتعاد سيفك عن احشائي، قلت وبكل ما في وقاحتك من تهذيب: هناك آخر. القيتها في سمعي، اذن هناك دخيل الى عالمي، العشق يا معشوقتي السكين لا يقسم على اثنين، فاختاري، يا لحماقتي "اختاري" قلتها كمن يتنبا بنتيجة مسبقة لمباراة بين المانيا والسعودية، قلتها ويا لشدة كرهي لآل سعود، الا انني رايت نفسي البس دشداشا ابيض، واعتمر غطرة بيضاء، يعلوها عقال اسود، نعم يا فاقدتي، لقد رايت نفسي البس الاستسلام ويلف راسي السواد، وكما كان توقعي لنتيجة تلك المباراة الفاضحة اجبتني بشيء من التردد يخفي سرور الظافرين، وقلت تبررين الملل وتحاولين احياء الالم المؤمل بداخلي ان ستجد غدا من هي افضل مني، اجبتك كمنجم اصاب الهدف ان ذلك لن يكون، ولم يكن، وفقط لكي ابقى قريبا من الحلم الدفين اخبرتك بان ذلك لن يمنع صداقتنا "الاخوية" الدائمة، وافقتني فرحة بانتهاء احلامك كما اردت، ولكن لم تلاحظي يا فاتنتي الغبية انك "انهيت" احلامك، وافترقنا واقترفنا الصواب. وبمحض استهتار القدر بمشاعري دعوت الى حفل زفافك، نعم لقد دعاني صديقي والذي كان بمحض ابتلاء القدر اخ لزوجك، وحضرت، حملت كل ما املك من الصبر وحضرت، حاولت قدر الامكان ان لا تلتقي عينانا، ولكن عندما كان، ... لاادري ان كان شعوري في تلك اللحظة قد يجد يوما مبدعا يصفه، وفقدت لحظتها كل صبري، اتذكرين كم كنت صبورا على كل هفواتك ايام الوجد، اتذكرين ذاك الكم من الايوبية في صبري، فقدته برمشة عين او بالتقاء عين بعين، تسللت دمعة قبل ان ادركها فهربت، خفت ان افضح وتفضحين، وعندما سالتني بعد ايام عسلك لماذا لم تبق، وجدتني كعادتي في مراعاة آمال الاخرين اختلق الكذبات، وبقينا كما انتهينا اصدقاء وانتهينا. واطرق مرعوبا بتلك الذكرى، وعاد لشروده الدامي، وبعد ان استفاقت احدى المسوخ من حمو الصدمة التي لسعتها لسماعها تلك الطقوس الذاوية لروايته المخيفة سالته بكل ما في حواء من وقاحة برائتها وما هي القصة الاخرى؟ فمضى يدق الارض بطيئا ليبتعد عن هذا السؤال، وظن الحاضرون انه اصيب بالصمم مع ارتفاع صوت تلك السائلة الملحاحة الوقحة، اماهو فقد اصابته الصدمة بذكرى لا تزال تمر ويراها كل يوم.فالاخرى قصة اخرى وقضية اخرى يتلو اسمها في صلاته ليتقرب بها من الورود، وعذرا ان لم يستطع ذكرها، فان مجرد التفكير بها هو محاولة انتحار.
هي بعض الياس الاخير، وآخر الليل الجميل.