تفرد

تفرد
every memory i can keeb, just for U

السبت، ١١ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

اجواء رام الله

ما بين العشقين – الوطن والوطن – تنبت بذور الاغتراب حناظل صفراء، تتسلق لتصل قمم الزيتون، قاتلة كل جميل، تندس بسلاسة المتسللين تحت اعشاش العصافير، تظهر لهم عناق الحبيب، تدفعها متباطأة نحو النهايات، وهكذا هم من باعوك يا وطني، تسلقوا ظهور البنادق ليفرغوا مخازنها في قلوب من باعك يا وطني، او ليقذفوها عاليا نحو السماء علهم يسقطوا (طائرة استطلاع للعدو) او قد يسقطوا (قمرا للتجسس)، وكل ما كان يتساقط اسراب من الطيور المهاجرة وحفنات من اوراق طبع عليها جمل من التشهير بقائد لم يكن يوما وطنيا، ليقوم هؤلاء القناصون بتنصيبه كبيرا للوطن، واي وطن "إمارة من غير عمارة، كيف لو صار عنا عمارة"*، أو يضعوا في طيات بياناتهم تلك، تبرئة لخائن وتشهير بمختطفيه، واذا بمختطفيه يخطون باقدامهم الطاهرة فوق رؤوسنا المطأطأة ليرتفعوا بيارق نصر، ويخلدوا في سجل الشهداء. اما اولئك الذين سرقوا منا ما تبقى من الامان، تقاسموه مع اسيادهم, يركبون سياراتهم، يتدافعون بها بين المارة، لا يرون المارة، يتصدى لهم رجل الامن والامان، ذلك الشرطي المقدام الذي خاض دورة تدريبية مكثفة ومعقدة، امتدت لاكثر من عشرين يوما (اكثر بيوم)، ركضوا خلالها اكثر من خمسة كيلومترات في طرق وعرة وصعبة (سهول اريحا)، وتدربوا على كافة انواع الاسلحة المسموحة منها والمحرمة دوليا (اكثر من سبع طلقات لكل مقاتل)، ولبسوا الكحلي وانتشروا في الشوارع يرعون المواطن ويحافظون على حياته التي تساوي الكثير، وعندما تسطع انوار تلك السيارة الطائرة وسط شارع ركب - والذي سمي مؤخرا بشارع بنت جبيل، تعبيرا عن الصمود الاسطوري الذي شهده هذا الشارع – بسرعة ليست اقل من سرعة التراجع العربي، اراد ذلك الشرطي الهمام ان ينقذ الموقف والمواطنين من عبث العابثين بامنهم وامانهم، اشهر سلاحه بسرعة وخبرة مقاتل فيتنامي، اطلق الرصاص على ذلك الشاب، وكانت الاصابة، لم تخطيء الطلقة الشاب، فقط، بل استقرت في راس طفل في العاشرة يحمل علبة من "العلكة" يبيعها للمارة، يقتل جوعه او يقتل الوقت، ولكن القانون دائما بالمرصاد، يقف مع المظلوم ولو على قطع رقبته، ما ذنب ذلك الشرطي المسكين انه لم يتلق التدريبات المناسبة، وتهب قوة من امن الرئاسة لانقاذ الشرطي المسكين من براثن الموت ومن بين انياب اهل ذلك الطفل (اهل الطفل هم المذنبون، كيف سمحوا له ان يخرج للشارع في وضح النهار، ليكون علة في المدينة السليمة، وبثورا تشوه وجه السياحة الجميل)، اما ذاك الشاب الذي تسبب في كل "الخبصة" فانه ضد الكسر (فالمناضلين امثاله الذين وهبوا شبابهم وزهرة اعمارهم رخيصة فداءا للفوضى) يحميهم قانونهم – تلك البنادق التي شوهوها وارباب عملهم الذين يغتاشون على ما تجلبه لهم تلك الضباع -. وبعد ذلك يتدخل كبير البلد لارضاء كافة الاطراف المتنازعة وانهاء الخلاف بالطريق التي ترضي الضمير الوطني "الجديد"، فياخذ الشرطي المهمل عقوبته شهرا اجازة "مع راتب لا ياتي" حتى تهداالنفوس، وياخذ الشاب رخصة لقيادة سيارته المسروقة وقيادة بندقيته المشبوهة (وذلك في المصلحة العامة اذ لايضطر شرطي اخر لايقافه فتعود الكرة للحصول)، وياخذ اهل الطفل جثة ابنهم ليواروها تراب الوطن الغالي "وطن تحكمه الافخاذ الوطنية هذا وطن ام مبغى"**، وتعود اجواء رام الله الصيفية الى ما كانت عليه، حتى ياتي شرطي ومطارد (سواح) وطفل يسرقون جمالها من جديد. الطفل: اسم مفعول بالطلقة، حذفت طفولته لانه ممنوع من التصرف. * عبد الله حداد (ميزانية) ** مظفر النواب (وتريات) فكرة هذا البوست جائتني عندما قالت صديقتي المغتربة والتي لا اعرفها "خايفة حتى الجو يسرئوا منا" فلك منالووووو جزيل الشكر, وللوطن جزيل الالم.

ليست هناك تعليقات: