تفرد

تفرد
every memory i can keeb, just for U

الاثنين، ٢٨ ربيع الأول ١٤٢٨ هـ

ملاذ اخير

بينما كنت اقرا، لا اعرف للمرة الرابعة او الخامسة كتابا بعنوان (ربحي وكفى) والذي يتناول فيه الكاتب بطريقة لا تخلو من الابداع – انا لست ناقدا ولكنه احساسي كقاريء – لحظات في حياة المناضل الرائع والمعلم الكبير ابو الرامز ربحي حداد ، وكما كل مرة اتنقل فيها بين دفتي هذا الوطن، يرتعش الجسد، وتتسرب من المقل المتعبة امطارا سوداء، فان رجلا مثل ربحي حداد (وان كنت باعطائي هذا الوصف (رجلا) له لا اعلم هل انا اخطئ فاقلل من عظمته ام انني اخطئ فارفع من قيمة الرجال) يعجز الاقزام امثالي عن حبس دموعهم على فقدانه، ونظرة سطحية وسريعة (سطحية لفراغ المحتوى، وسريعة لتجاري قوة السقوط) الى فلول الرجال من حولي (وهنا اشعر بالخطأ مرة اخرى، فان زمان الرجال مضى) لا تذكرني الا بالمثل الشعبي (عدي رجالك عدي)، وحينها تنحبس الامطار، وتقفر الروح، وينسدل ستار من العدم على الافق الذي يعاني اصلا من ضباب وسراب، ولا يبقى في الروح الا القليل من العزم لاستذكر به سادتنا الشهداء، كم اخجل امام هذا الكم الهائل من السمو والجلالة، وكم اتصور نفسي عدما غلى شكل رجل (اظنني اكرر نفس الخطا)، تتهاوى امامي صروح الامل، الا صرحا يابى على حزني، يحاول ياسي جاهدا ان ينفذ معاوله بهذا الحصن، ولكن متراسا صنع من عزم الشهداء اصلب من ان تنخره سيوف البائسين، نعم، ذكرى ابو الرامز وامثاله وهم كثر ان يذكروا(اعترف الان بانني اتسائل بيني وبين ارواحهم لماذا؟ ما الذي استحق ان تسكب لاجله تلك الدماء، تراب الوطن الذي واراكم وحرمنا من اللقيا، ام كروش من ابتلعوا تلك الاجساد الطاهرة، ام اله القى سلاحة ولاذ بالفرار) الا ان شخصا (لا ادري ان اخطات عاشرا) مثل ربحي حداد وصل الى ذاك المستوى من الرقي الاخلاقي والثقافي وامتلك ذاك الكم من العزم والعقل والاصرار والحب والانتماء، فكانت التضحية لديه اسهل ما يمكن، يضحي بنفسه لكي تقدر عصفورتيه ان تحلقا (ابنتاه)، لقد علم ان حياة الثائر لا تنتهي الا باالقاء السلاح، فقال لزوجته يوم التعارف "اعلمي باني رجل (هنا لم اخطئ فهكذا وصف نفسه) يمشي على قدمين، واحدة في السجن والاخرى في القبر" فكانت الاثنتين، فبعد سجن دام عشرين عاما، لم يكتف، والقى بنفسه بين انياب الموت لينقذ املا من النفاذ، قد لا يكفي الكلام ولا مداد ربي لان يستوفي شهيدا منكم حقه في الوصف، لقد كانت الروح هي المحرك، والعقل هو المخلص، والقلب هو الدليل، والامل هو الدافع، والحب هو الشرارة، وفلسطين كل ذلك، وكما كان المعلم ابا الرامز كان التلاميذ، لن اذكرهم جميعا، ولكن لان البرهان يلزمه قوة المثل، ساترك هنا صورة للنبي الشهيد عامر عبد الله، وهو في لحظة صفاء مع الروح و عناق مع الاجمل فلسطين، يسجد خاشعا للمخلص، ليذهب كلاهما بعدها الى العناق الاطول والاجمل، وتحتضنهما فلسطين، وقد تكون ذكرى ابا الرامز والاخرين، وصورة عامر في النفس، هما الملاذ الاخير من الموت ياسا، فارضنا ليست بعاقر.

ليست هناك تعليقات: